إن مما ينبغي أن نذكر به الأخت المسلمة أن الصيام من أجل العبادات التي يتعبد بها المسلم لرب الأرض والسماوات ، ولما كان الصيام عبادة فلا بد أن تأتي به المسلمة على الوجه المطلوب شرعاً . فمتى جاءت بما يخالف أمر الله تعالى وشرعه عرضت صيامها إما للبطلان أو نقصان الأجر . علماً أن أكثر المخالفات التي تحصل في الصيام تقع من النساء أكثر من الرجال .
ومن هنا كان ولا بد من إيضاح بعض المخالفات الشرعية التي تقع فيها النساء في الصيام ، لعل الله تعالى أن ينفع بها وأن يوقظ نساءنا وفتياتنا من الإعراض عن طاعة الله وشرعه إنه سميع مجيب .
المخالفات :
1- أول هذه المخالفات جهل الكثير من النساء بالحكمة التي شرع الله تعالى من أجلها الصيام وهي المذكورة في قوله تعالى : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ { . فقد بين الله الحكمة في هذه الآية أنه ما شرع الصيام إلا من أجل بلوغ المسلمة إلى أعلى درجات العبودية له وهي التقوى .
والمخالفة هنا أن كثير من النساء تصوم رمضان ثم تخرج منه ولم تحقق الغاية المرجوة منه وهي التقوى ، ولذا لم يؤثر فيها الصوم ، فتراها تخرج من بيتها متعطرة غير ملتزمة بالحجاب الشرعي التزاما كاملا ، وها هي الأسواق وبخاصة بعد الإفطار فيها العجب العجاب يكاد المرء لا يصدق نفسه ويسأل نفسه هل هذه المرأة صامت حقاً .
وهاهي أيضا مجالس المرأة في شهر الصوم تراها لا تخلو من غيبة ونميمة ومن مشاهدة لمحرم يضيع صومها بين القيل والقال تارة ومشاهدة المحرمات تارة . وإذا أردت أن أعدد ما يحصل من المرأة المسلمة في شهر الصوم وقفت في ذلك على الكثير فالله المستعان .
2- ومن المخالفات أن بعض النساء إذا جاء رمضان صامت وصلت وقامت فمتى انتهى تركت الصلاة فهي لا تصلي إلا في رمضان وهذا بلا شك انتكاسة ، فهي لا تعرف الصلاة إلا في شهر رمضان ، وهذا من أعظم المخالفات ، فترك الصلاة كفر فمتى تركتها المرأة المسلمة صارت كافرة وبالتالي لا يقبل الله منها صرفاً ولا عدلاً حتى تؤديها .
3- ومن المخالفات أن بعض النساء يأتيها الحيض ومع ذلك تصوم ، وهذا بلا شك خطأ ، فالمرأة متى جاءها الحيض في أي ساعة من نهار بل ولو قبل غروب الشمس بلحظة فإنها لا يصح منها الصيام وعليها قضاء ما أفطرته متى طهرت .
4- ومن المخالفات أن بعض الفتيات لا تعرف متى يجب عليها الصيام فتراها يحصل لها البلوغ ويكون في حقها الصوم واجبا ومع ذلك لا تبالي . ولذالك ننبه الأخت المسلمة على أنها متى حصل لها واحدة من الأربع فقد وجب في حقها الصوم وهي :
أ- تمام عمرها خمس عشرة سنة .
ب- إنبات الشعر على العانة .
ت- إنزال المني
ث- الحيض .
5- ومن المخالفات أن بعض الفتيات تترك الصيام كما ذكرنا بعد بلوغها سن الوجوب للصوم فتتركه سنة أو سنتين ثم تبدأ تصوم بعد ذلك ولا تبالي بما أفطرته في رمضان للسنوات الماضية وعليها التوبة والاستغفار على تفريطها في ذلك .
6- ومن المخالفات أن بعض النساء إذا طهرت من الحيض والنفاس قبل الفجر بقليل ولم تغتسل وظنت أن الغسل شرط في صحة الصوم ، ولذا قد تفطر أو تصوم هذا اليوم وتعيده وهذا خطأ ، بل المرأة إذا طهرت قبل الفجر لزمها الصوم وإن لم تغتسل إلا بعد الفجر لأن الغسل واجب للصلاة لا للصوم .
فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : } كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من جماع أهله وهو صائم { أي أنه صلى الله عليه وسلم لا يغتسل من الجنابة إلا بعد طلوع الصبح . والمرأة الحائض تشبه من عليها جنابة .
7- المرأة الحامل أو المرضع أحيانا بمجرد الحمل أو الإرضاع تترك الصوم مع عدم وجود مسوغ الإفطار وهو حصول الضرر على نفسيهما أو الجنين وهذا خطأ بل لا يحل للحامل أو المرضع أن تفطر في نهار رمضان إلا للعذر . فإذا أفطرت للعذر وجب عليها قضاء الصوم لقوله تعالى في حق المريض : } فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ { والحامل و المرضع في معنى المريض .
8- المرأة الحامل أو المرضع ينتابها المرض بسبب الحمل أو الإرضاع ويحصل لها الضرر لذلك وهي مع ذلك مصممة على الصوم وهذا خطأ بل أباح الله لها الإفطار بسبب ما يعتريها في أثناء حملها وإرضاعها فمتى كان هناك ضرر عليها أو على ولدها فلا ينبغي لها أن تصوم والفطر في حقها أولى ثم إذا زال الضرر بالوضع أو انتهاء الإرضاع فعليها أن تقضي ما أفطرته .
9- ومن المخالفات ما يحدث من بعض الطالبات ، ومنها إذا كان عندها امتحانات في شهر رمضان تركت الصيام بسبب ظروف الامتحانات وهذا خطأ فاحش فلا يجوز لها أن تفطر بسبب الامتحانات فمتى حصل منها ذلك فعليها التوبة وقضاء ما أفطرته .
10- ومن المخالفات في صوم النافلة أن بعض النساء تصوم بغير رغبة الزوج وقد تمنع نفسها منه إذا طلبها للفراش بحجة هذا الصوم وهذا خطأ فصومها هنا مستحب وطاعة الزوج واجبة ، والواجب عليها أن تطيعه وتفطر ولا تصوم إلا برضاه ما دام صوم نافلة .
11- ومن المخالفات في الصوم أن بعض النساء ممن تفطر من أجل الحمل أو من أجل الحيض تترك القضاء حتى يتراكم عليها الكثير من القضاء فتقع في حرج شرعي بترك القضاء ، والأولى في حقها متى طهرت فعليها أن تبادر بالقضاء وتترك التسويف فإن المرء لا يدري ما يعرض له .
12- بعض النساء إذا فاتها ست شوال قامت بقضاء هذه الست في ذي القعدة مثلاً وهذا خطأ لأنه لا يشرع قضاء هذه الست بعد انتهاء شوال لأنها سنة فات محلها سواء تركت لعذر أو لغير عذر ويرى بعض أهل العلم أنه إذا امتد قضاؤها لرمضان إلى ذي القعدة فلها أن تصوم الست متصلة بقضاء رمضان وتدرك أجرها والله أعلم .
13- بعض النساء ممن أفطرت لعذر شرعي كحيض أو حمل أو مرض مثلاً في رمضان ، إذا دخل شهر شوال بادرت بصيام الست وتركت قضاء ما أفطرته في رمضان بحجة إدراك الست أولاً وهذا خطأ بل الواجب عليها أن تؤدي الفريضة ثم إن تمكنت من صيام الست فهذا خير وإن لم تتمكن فهي معذورة ثم هذه الست سنة لا تعاقب على تركها .
14- بعض النساء إذا دخل رمضان أخذت حبوب منع الدورة في هذا الشهر لكي تكمل الشهر وتحصل على الفضيلة فيه وهذا مخالف لما جبل عليه بنات حواء فقد كتب الله على بنات آدم هذا الأمر فلتقنع المرأة المسلمة بما كتبه الله عز وجل ، فتصوم حيث لا مانع من الصوم وإذا وجد المانع أفطرت رضا بقدر الله تعالي . ثن إن الحبوب فيها مضرة عظيمة عليها لذا فالأولى للمرأة تركها بكل حال .
15- بعض النساء تتحرج من ذوق الطعام في أثناء نهار رمضان والصحيح أنه لا بأس بذلك إذا دعت الحاجة إليه مع اشتراط إخراج ما ذاقته ولا تبتلعه .
16- بعض النساء ينذرن بالصيام رغبة في حصول أمر لها وهذا خطأ ، فالنذر أقل أحواله الكراهة ، فلا ينبغي للمرأة المسلمة أن تنذر بصلاة أو صيام ونحوه من سائر العبادات . ومتى لم تتمكن المرأة من تحقيق نذرها فيلزمها كفارة يمين تحلة لنذرها .
17- بعض النساء تشغل نفسها بأشياء كثيرة في رمضان وذلك مثل تجهيز أنواع من الطعام والشراب وتشغل يومها كله وشهرها كله بتجهيز هذه الأشياء زلا تجعل لها ورداً من القرآن والذكر والصلاة وهذا خطأ ، بل على المرأة أن لا تشغل نفسها إلا بالأمور المطلوبة فقط لكي تستغل شهرها في العبادة والذكر والطاعة .
18- ومن مخالفات المرأة في شهر الصوم خروجها إلى صلاة التراويح بدون إذن زوجها بل البعض تعلم زوجها غير راض بخروجها ثم تخرج بحجة أن هذا الشهر شهر طاعة وخير ، فهي لا تريد أن تفرط بما فيه من الطاعات ، وما علمت المسكينة أنها بذلك قد ارتكبت محذوراً شرعياً وهو عدم طاعة الزوج ، فطاعة الزوج واجبة وفعلها سنة فكيف تقدم ما هو مسنون على ما هو واجب .
نعم نقول بأن الزوج لا ينبغي له أنه يمنع زوجته من الخروج للصلاة في المسجد ، اللهم إلا إن كان سترتب على خروجها محذور شرعي فله أن يمنعها لكن ليس معنى ذلك أن الزوجة تعصيه وتخرج فهذا أمر محرم تأثم الزوجة بفعله .
19- ومن المخالفات أن بعض الزوجات تتحرج من وضع الحناء وكذا تتحرج من الغسل بالصابون الذي به رائحة أو الشامبو ونحو ذلك مما هو معطر وهذا أمر ليس فيه دليل شرعي على منعها من فعل ذلك . أما إن كانت رائحة الصابون باقية وكذا الشامبو له رائحة قوية وتريد أن تخرج المرأة من بيتها فهنا نقول لها لا يجوز لك استخدام ذلك ثم تخرجين ، لأن تعطر المرأة لخروجها منهي عنه .
20- ومن المخالفات أن بعض الأمهات يمنعن بناتهن الصغيرات من اصيام بحجة أنهن صغيرات لا يتحملن الصيام وهذا مخالف لهدي السلف فإنهن كن أحرص النساء على تعويد بناتهن على الصيام لكي يعتدنه ، فعلى المرأة أن تربي بناتها على فعل الطاعة حتى إذا ما كبرت سهل عليها فعلها .
منقول